التأثير المجتمعي

لاجئون يصنعون حقائب من قوارب كانوا على متنها

بدأت الفكرة عندما قررت نورا عزاوي السفر من ألمانيا إلى اليونان في شتاء 2015 لتقديم المساعدة على شواطئ خيوس اليونانية. في هذا الوقت كانت أزمة اللاجئين في أوج ذروتها حيث وصلت أعداد اللاجئين لأكثر من 400,000 مهاجر خلال ذلك العام، منهم من تعرض للاضطهاد ومنهم من واجه الكثير من المخاطر والأهوال.

 وفي إحدى الليالي وصلت الكثير من القوارب في الليل، وكانت ملابس المهاجرين مغمورة بالماء وملوثة بالوقود، فعلى الفور قامت نورا وصديقتها فيرا غونتر بتقديم الملابس الجافة والنظيفة للمهاجرين فور نزولهم من القارب، ومن ثم تنظيف الشاطئ والتقاط الملابس البالية المبتلة و جمع القوارب المتضررة التي كان يصعب التخلص منها.

القصة لم تنتهي

ولكن القصة لم تنتهي عند ذلك الحد فكان ما حدث في خيوس كالكابوس الذي يطاردهم على الدوام، لذلك قررت الصديقتان القيام بشيء هادف ذو قيمة للمساعدة، فبدأوا بجمع القوارب المطاطية وفكروا في طريقة لإعادة تدويرها.  وقاموا بعرضها على خياط يوناني بغرض تحويلها إلى حقائب، وبعد العديد من المحاولات الفاشلة و حضور الورش التعليمية التي لا تعد ولا تحصى، استطاعت الصديقتان تحويل تلك القوارب إلى حقائب صديقة للبيئة عالية الجودة، وبذلك طوروا مفهومًا لمكان من شأنه توفير التدريب والعمل للاجئين في برلين، وبتلك الفكرة ظهرت مؤسسة ميميكري وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تحويل القوارب المطاطية إلى حقائب أنيقة.

مؤسسة ميميكري وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تحويل .القوارب المطاطية إلى حقائب أنيقة

فريق ميمكري من تصوير جوديث أفولتر

حقائب من القوارب!

الجميع يعلم أن أغلب الحقائب ذات الجودة العالية مصنوعة من الجلد، لذلك كان التحدي هو صنع حقائب من المطاط بنفس الجودة التي توفرها حقائب الجلد.

ساهمت هذه الحقائب في بث الأمل .وزيادة الوعي بأزمة اللاجئين

أظهر اللاجئون بداخل ورش عمل ميميكري مهاراتهم الإبداعية التي أبهرت الألمان، كانوا يبذلون الكثير من الجهد في صناعة تلك الحقائب، حيث تختلف المهام ما بين قياس قطعة المطاط بدقة عالية وحتى استخدام ماكينة الخياطة، بالإضافة إلى استخدام أكثر من لون لجعل تلك الحقائب مواكبة للموضة، والأهم من ذلك أن من يقوم بصناعة تلك الحقائب هم اللاجئون. فلن تجد الأمر غريبًا إذا ما أخبرك أحدهم بأنه صنع حقيبة من قارب كان على متنه يومًا ما، وإن ذلك هو ما يعطي للحقائب قيمتها التي لا تقدر بثمن.

صناعة هذه الحقائب لم تسهم فقط في توفير فرص عمل للاجئين ونشر الوعي الثقافي بينهم فقط، انما ساهمت أيضًا في الحفاظ على البيئة ونشر الأمل، لأنها منتجات صديقة للبيئة لا تؤثر سلبًا على الموارد الطبيعة مثل الماء والهواء، وكذلك لا تضر البتة بصحة من يحملها حيث يتم صنعها بطرق لا تستنفذ النظام البيئي ولا تحتوي على أي مواد تسبب الأذى للإنسان.

رسالة نبيلة للعالم

حقائب
بقايا القوارب المطاطية تصوير جوديث أفولتر

“أردنا إيجاد طرق مبتكرة لنوضح وننقل بها رسالة مغزاها أن هؤلاء الأشخاص الذين يصلوا إلى أوروبا هم بشر مثلنا، يمتلكون المهارات والأحلام والأفكار” هذا ما قالته نورا عزاوي لموقع لونلي بلانيت وقالت أيضًا “إن صناعة الحقائب من القوارب أصبحت أفضل شيء بالنسبة لنا، لأن تصميماتنا أصبحت جزءً من الحياة اليومية كتذكير وكبداية لقصة جديدة”.

يتم الأن إرسال القوارب المطاطية المستخدمة إلى برلين من المنظمات التطوعية في خيوس بعد فترة وجيزة من وصولها، حينما تصل يتم خياطتها إلى حقائب ظهر، حقائب يد، وحقائب لأجهزة اللاب توب.

تعرف على: اكتشف أهم العلامات التجارية للملابس المستدامة

الحوار

من اليمين إلى اليسار فيرا غانثر ونورا عزاوي من تصوير جوديث أفولتر

نوايا حسنة: إلى أي مدى يشارك اللاجئين في عملية التصميم من البداية وحتى النهاية؟

نورا: يشارك حديثي الوصول في عملية التصميم منذ البداية. في عمليات مشاركة بين أشخاص من كل الخلفيات يطور فريق عمل ميمكري نماذج أولية. أيضا يدير حديثي الوصول عملية تصنيع التصميمات. في المستقبل، ننوي في ميمكري تطوير عملية التصميم وإدماج المزيد من الأطراف المستفادة.

نوايا حسنة: ما هو التأثير الذي تشعران بأن ميمكري نجحت في إحداثه من حيث إلقاء الضوء على أزمة اللاجئين؟

 فيرا: حتى هذا اليوم، تم الحديث عن ميمكري في أكثر من 60 وسيلة إعلامية حول العالم. كل مرة نحكي فيها عن قصيتنا، نذكر العالم عن ما يحدث في منطقة البحر الأبيض المتوسط. لكننا في نفس الوقت نقدم مثالاً قوياً لما يمكننا أن نقوم به بصورة إيجابية وإبداعية للتحديات المجتمعية. في هذه الحالة تحديدا من خلال العمل مع حديثي الوصول إلى البلد، وتقبلهم كزميل أو صديق مستقبلي محتمل. ألقينا الضوء أيضا على الوضع الحالي من خلال بيع حوالي 1000 حقيبة. كل شخص يحمل حقيبة من ميمكري يصبح سفيرا لقصتنا وسيرويها خلال رحلته.

نوايا حسنة: كيف تشجعان السلطات المعنية بالتعاون معكما ومساعدتكما في الحصول على القوارب المتهالكة؟ هل توجد صعوبة في هذا الأمر؟

نورا: تتعاون ميمكري مع منظمتين غير حكوميتين في خيوس ولسبوس. تقوم تلك الهيئات بعمل رائع في الموقع حيث تدعم كل الأشياء المتعلقة بحديثي الوصول، بالإضافة إلى تنظيف الشاطيء.

نوايا حسنة: ما هي خطط ميمكري المستقبلية والعاملين بالشركة؟

فيرا: المستقبلية لميمكري كبيرة. نحب أن ننشر فكرة ميمكري لاستخدام مواد موجودة بالفعل، ومزجها مع عملية تصميم مدمجة وشاملة ومبتكرة لصنع منتج يعمل كخلاصات من القصص المحسوسة. لهذا السبب في المستقبل نخطط لتقديم أسلوبنا الفريد في سرد القصص للشركات، المنظمات والمؤسسات الأخرى المهتمة. نحب أن نمنح الآخرين إمكانية عمل حملات ومشاريع مؤثرة، بالإضافة إلى خلق إهتمام إعلامي كبير. من خلال هذه العملية، سنقوم بتدريب حديثي الوصول على المهارات المتعلقة بالعمل، ليس فقط الخياطة ولكن أيضا أن يكونوا جزءً من عملية التصميم مع تعلم اللغة الألمانية والاستعداد للدخول في سوق العمل الألماني. سيظل بعض العاملين معنا لأننا سيكون لدينا دائما مساحة عمل لتصميم قطعنا الفريدة والمحدودة.

هذه ليست نهاية القصة

من ميمكري تصوير جوديث أفولتر

لم تكتفي عزاوي بهذا فقط، وانما صرحت بأنهم يستعدون لإنشاء منطقة إضافية أخرى والتي ستضم المزيد من العمالة من اللاجئين الذين لديهم شغف بالخياطة، بالإضافة إلى إمكانية حصول الأشخاص على شهادات الدبلومة، وأنه على المدى البعيد ستضم المزيد من الأفراد للعمل بالمؤسسة “نريد أن نستمر في استخدام المنتجات المهملة التي ليس لها معنى، فالنقطة الأساسية التي نرغب في فعلها هو تغيير وجهات نظر الأشخاص فهي ليست دائمًا كل ما تخسره، ولكن ما تحصل عليه”.

أردنا إيجاد طرق مبتكرة لنوضح وننقل بها رسالة مغزاها أن هؤلاء الأشخاص الذين يصلوا إلى أوروبا هم بشر مثلنا، يمتلكون المهارات والأحلام والأفكار
نور عزاوي

الوسوم
اظهر المزيد

اقرأ أيضاً

إغلاق