مدينة في النرويج تتوج بعاصمة أوروبا الخضراء لعام 2019
حصلت أوسلو، عاصمة النرويج، على لقب “العاصمة الأوروبية الخضراء لسنة 2019″، وذلك في بداية يناير/كانون الثّاني 2019 خلال حفل نظّمته المفوّضية الأوروبية في قاعة جائزة نوبل للسّلام بالعاصمة النّرويجية.
وقد انطلقت هذه الجائزة من خلال مبادرة أطلقتها 15 مدينة أوروبية عام 2006 في تالين عاصمة إستونيا، حيث قامت بعدها المفوّضية الأوروبية بإطلاق الجائزة بشكل رسمي عام 2008، ليبدأ اختيار المدن الفائزة عام 2010. المدن الخمسة عشر الّتي أطلقت المبادرة هي: تالين، هيلسنكي، ريجا، فيلنيوس، برلين، وارسو، ليوبليانا، براغ، فيينا، كيل، كوتكا، دارتفورد، تارتو، وغلاسكو.
تقول المفوّضية الأوروبية أنّ الرّسالة الشّاملة الّتي تهدف الجائزة لإيصالها إلى المواطنين الأوروبيين هي أنّه من حقّهم العيش في مناطق حضرية صحّية. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، على المدن أن تسعى إلى تحسين نوعية حياة مواطنيها، والحدّ من تأثيرها على البيئة العالمية.
استطاعت أوسلو أن تصل إلى تحقيق لقب العاصمة الأوروبية الخضراء عن طريق عدّة تدابير اتّخذتها للوصول إلى تخفيض نسبة الانبعاثات إلى 36% بحلول 2020 وذلك مقارنة بعام 1990، و95% بحلول 2030، إضافة إلى القضاء على انبعاثات الكربون بشكل تامّ بحلول 2050.
تُعتبر استراتيجية مدينة أوسلو للحفاظ على مناطقها الطّبيعة ولاستعادة المجاري المائية أهمّ ما أهّلها لاستحقاق لقب العاصمة الأوروبية الخضراء لعام 2019، إذ سنقدّم لك في هذا المقال أهمّ التّدابير الّتي اتّخذتها المدينة لتحقيق تلك الاستراتيجية.
معايير مدينة أوسلو لخفض استخدام الطاقة
ساهمت مدينة في تقليل التلوث البيئي وذلك من خلال عدة إجراءات قامت بتنفيذها:-
- استطاعت عاصمة النرويج أن تحوّل حركة المرور إلى أنفاق تحت المياه، وذلك لتجنّب الازدحام ولاستعادة واجهة بحرية مشرقة خالية من السيّارات والانبعاثات.
- بدأت أوسلو بإعادة فتح المجاري المائية الّتي تزخر بها المدينة، وذلك على عكس ما كان متّبعا من قبل حيث تمّ إغلاقها لخلق مساحة أكبر لنموّ المدينة، وقد تمّ بالفعل إعادة فتح 3000 متر من الجداول والأنهار الغنيّة بالتنوّع البيولوجي، لتكون بذلك متاحة للمواطنين.
- تهتمّ أوسلو بأن تكون للمباني معايير معيّنة من أجل خفض استخدام الطّاقة.
- قامت أوسلو بالعمل على تحسين البنية التّحتية للدرّاجات والنّقل العام، كما أنشأت مناطق خالية تماما من السيّارات، وهو ما سيساعد على بلوغ أهدافها في مجال المناخ، كما سيقلّل الضّوضاء ويحسّن البيئة بالنّسبة لأهل المدينة.
- حرصت أوسلو على استخدام الغاز الحيوي المنتج من النّفايات البيولوجية وكذا مياه الصّرف الصحّي، وذلك لأجل تزويد الحافلات وشاحنات النّفايات بالوقود.
- تستخدم أوسلو مصانع لتحويل النّفايات إلى طاقة يتمّ الاستفادة منها في التّدفئة وإنتاج الكهرباء في مناطق كثيرة، لتكون بذلك من بين الأفضل في العالم في هذا المجال.
- أنشأت أوسلو مشروع “الأعمال لأجل المناخ”، حيث تهدف هذه البادرة إلى تعزيز التّعاون بين مجتمع الأعمال والمواطنين والمنظّمات غير الحكومية من أجل دراسة ومعالجة تأثير قطاع الأعمال على تغير المناخ.
- من مبادرات مدينة أوسلو المهمّة مبادرة “ميزانية المناخ” الّتي أطلقتها سنة 2016، حيث تشمل هذه المبادرة ثلاثة قطاعات هي الطّاقة والعمران، والنّقل، والموارد. ومن خلال هذه المبادرة، بدأت المدينة بالاهتمام بشكل كبير بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
- تعمل أوسلو على إنشاء مصنع لالتقاط الكربون المنبعث في الهواء، حيث سيكون أكثر المرافق المشابهة تطوّرا حال الانتهاء منه.
- أصبحت أوسلو عاصمة السيّارات الكهربائية في العالم، وذلك بعد أن بلغت فيها السيّارات الكهربائية الّتي تباع في السّوق نسبة 30%.
- من الجدير بالذّكر أنّ سكّان مدينة أوسلو يسيرون على نفس نهج المدينة العام، إذ أظهر استطلاع أنّ 75% من السكّان يرون أنّه من المهمّ تخفيض نسبة الانبعاثات إلى 95% كما هو مخطّط له.
فرصة لدول العالم الأخرى لاتباع خطى النرويج
تقول المفوّضية الأوروبية عن الجائزة أنّها فرصة لتقديم نموذج تحتذي به بقيّة المدن الأوروبية، وبهذا تتنافس كلّ المدن على التّغيير لتحسين حياة المواطنين ولحماية البيئة والمناخ. وقد قال المفوّض الأوروبي عن البيئة والشّؤون البحرية والصّيد البحري “يمكن لأيّ مدينة أن تحلم بأن تكون خضراء، لكنّ الأمر يحتاج عزيمة وقيادة سياسية جادّة لإيجاد الحلول للتحدّيات البيئية الكبيرة، وهو تماما ما يجعل من أوسلو حالة خاصّة. ففي بلد معروف بثرواته من موارد الطّاقة، تسير عاصمة النرويج بوتيرة سريعة نحو الانتقال إلى مجتمع خال من انبعاثات الوقود، ونجاح هذه المدينة في زيادة وسائل النّقل العام ووضع المواطنين كأولوية مقابل السيّارات هو أمر ملهم بالفعل”.
ويبدو أنّه بالرّغم من أنّ أوسلو مدينة صغيرة مقارنة بهذا العالم الكبير، إلّا أنّ قيادة النرويج وشعبها يؤمنان بقدرة هذه المدينة على إلهام بقيّة المدن في العالم للتّغيير نحو بيئة أفضل.