التأثير المجتمعي

الثمن الحقيقي للملابس: حادثة مأساوية تغير مسار عالم الموضة

يقول مهاتما غاندي “لا يوجد أي جمال في أفخم الملابس إذا كانت تجلب الجوع والتعاسة.”

هل تسألتم من قبل بعد نزهة تسوق طويلة أتممتم فيها عملية شراء لأجمل الملابس “من صنع هذه الملابس التي سأرتديها؟”

في الأغلب ستجدون بطاقة الصنع الملصقة مكتوب عليها “Made in Bangladesh” أي “ًصنع في بنجلاديش” أو أحيانا دول أخرى.

لكن السؤال ليس “أين صُنعت ملابسي؟”، بل “من صنع ملابسي؟”.

ستشرح السطور التالية المزيد…

في 24 نوفمبر 2012، نشب حريق هائل هو الأروع في تاريخ بنجلاديش. قضت النيران على مصنع “تارزين للأزياء” في العاصمة دكا وتوفي وقتها 117 شخص وأصيب أكثر من 200.

مصنع تارزين هو أكبر مصنع للملابس التي يتم تفصيلها وبيعها باسم أهم ماركات الموضة العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، فرنسا، هولندا، اليابان ودول أخرى.

قبل الحادث ظهرت تقارير مسبقة أفادت وجود “مؤشرات خطيرة” و”حالات إهمال” يومية تجاه العمال وصرحت بأنهم يعملون في أوضاع مزرية ويحصلون على أجور متدنية مقابل عملهم لساعات طويلة من أجل شركات الملابس العالمية هذه.

بعد التحقيقات، كشفت جريدة “نيويورك تايمز” عن تورط الماركة الأمريكية الشهيرة “ولمارت” في المساهمة في الحادثة ونشرت معلومات عن تعاونها مع مصنع “تارزين” لإنتاج الملابس مقابل مبلغ قليل جداً وأجور زهيدة للعمال. وظهرت بعض التقارير التي أظهرت رفض “ولمارت” لاقتراح بعمل إصلاحات في المصنع بالتعاون مع الشركات الأجنبية الأخرى لتحسين مرافق الكهرباء والسلامة ضد الحرائق داخل المصنع.

لكن كشفت التقارير عن رفض “ولمارت” لهذا الأمر وتبريرها الأمر بأن هذه التحسينات ستكلف الكثير من المال وأن العلامات التجارية لن تستطيع المشاركة ماديا في هذا النوع من الإستثمار!

بعد الحريق، أعلن المسؤول عن عملية الإطفاء أن المصنع كان يفتقر لمخارج الطواريء التي كانت ستسهل على العمال الخروج والنجاة بحياتهم…

تعرف على: 6 شركات تصمم ملابس صديقة للبيئة

المآساة تتكرر في العام التالي

في عام 2013، توفي أكثر من 1000 عامل وأصيب أكثر من 2000 في مدينة دكا، عاصمة بنجلاديش جراء إنهيار مصنع “رنا بلازا” لإنتاج الملابس المكون من 8 طوابق والذي يعتبر أكثر حادث إنهيار معماري مميت واسوأ واقعة في تاريخ عالم الأزياء والملابس.

بدأت الكارثة بعد ظهور تصدعات في الأدوار السفلي

ة  للمبنى جعلت أصحاب المحلات وموظفي البنوك يغادرونه على الفور، وتوقف عمال المصنع الموجود في المبنى بدورهم عن العمل أيضا بسبب الخوف، لكن تجاهل مُلاك المبنى تحذيرات الإخلاء. واضطر العمال إلى معاودة العمل في اليوم بأمر من المدراء. لينهار المبنى أثناء وجود العمال بداخله.

ثورة الأزياء
صورة لانهيار مبنى رنا بلازا

لم يمر الحادث مرور الكرام، فاشتاط غضب النشطاء حول العالم بسبب هذه الحادثة التي قضت على حياة العمال أثناء تأدية عملهم. حدثت صحوة للمجتمع الدولي بعد اكتشاف مدى سوء الأوضاع التي يعشيها العمال في مصانع الملابس. أغلب عمال هذه المصانع هم نساء وفتيات يعانين من إهمال والعمل في بيئة غير آمنة صحيا، حيث حدثت وقائع متكررة أصيبت وتوفيت فيها العاملات أثناء تأدية العمل، هذا بالإضافة إلى حصولهن على أجور قليلة للغاية.

تعرف على: بدائل البلاستيك: خيارات مستدامة للحفاظ على البيئة

ثورة الأزياء
إحدى الناجيات من حادث رنا بلازا. الصورة من منظمة العمل الدولية

ومن هنا بدأت حركة “ثورة الموضة” التي تشجع الأفراد في كل مكان على التساؤل “من صنع ملابسي؟” خاصة إذا كنت ممن يرتدون أزياء من ماركات عالمية تعتمد في تصنيع ملابسها على مصانع آسيا وبنجلاديش بالتحديد. تطالب هذه الحركة ماركات الملابس بتحسين أحوال العمال.

تقول أورسولا دي كاسترو، مؤسسة حركة ثورة الموضة “ابحثي عن الجودة ليس فقط في المنتجات التي تشترينها، لكن أيضا في حياة الشخص الذي صنعها.”

ظهور مصطلح “الموضة الأخلاقية”

يضم مصطلح الموضة الأخلاقية مجموعة من الأسس التي يجب من خلالها أن تعمل شركات الملابس، وتتضمن أوضاع عمل أدمية ومناسبة للعاملين، حيث  يجب على صاحب العمل ضمان راحة العامل ومنع استغلالهم، بالإضافة إلى أعمدة أخرى مثل الإستدامة والحفاظ على الحيوانات والبيئة، حيث يعتبر عالم الموضة والأزياء ثاني أكبر مُسبب للتلوث البيئي في العالم، وذلك بلجوء المصانع إلى استخدام المبيدات والمواد الكيماوية واهدار كمية هائلة من المياه في تصنيع الملابس سنوياً.

ظهرت مصطلحات شبيهة مثل “الموضة المستدامة، الموضة البطيئة” وكلها تخدم نفس الهدف.

أسبوع ثورة الموضة

ثورة الموضة
أسبوع ثورة الموضة

تُقام فعاليات أسبوع “ثورة الموضة” كل عام في آخر أسبوع من شهر إبريل وهو تاريخ حادثة رنا بلازا الشهيرة ويسلط الحدث الضوء على عالم الأزياء ومن يعملون على صناعة الملابس والإجراءات التي تمر بها هذه الصناعة. كما انها فرصة لإيصال أصوات المستهلكين إلى شركات الملابس والمطالبة بالحفاظ على البيئة وتحسين أوضاع العمل بشكل مستمر. يشارك الكثير في فعاليات ثورة الأزياء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ونشر صور للعاملين في مجال صناعة الملابس على هاشتاج #IMadeYourClothes والذي يعني “أنا صنعت ملابسك”.

نصائح مفيدة قبل التسوق في المرة القادمة:

من الضروري الانتباه للأزياء التي نشتريها والاهتمام بالجودة والابتعاد عن الملابس الرديئة  التي لا تدوم طويلا وتتحول إلى قطعة قماش مهدرة لا فائدة لها .

يُفضل اختيار الأقمشة الطبيعية القابلة للتحلل كالقطن والكتان وابتعدوا عن البوليستر والمواد الصناعية الأخرى.

ابحثوا عن الشركات التي تعتمد أسلوب الشفافية في طريقة صنع الملابس وحفاظها على البيئة وحياة العاملين.

تذكروا دائما نصيحة المصممة العالمية فيفيان ويستوود: “اشتري ملابس أقل، أختاري جيدا. اجعليها تدوم طويلاً.”

الوسوم
اظهر المزيد

اقرأ أيضاً

إغلاق