الصحة والعافية

تاريخ انتهاء الصلاحية والهدر الغذائي: مفاهيم خاطئة وأثر بيئي واقتصادي كبير

يُعد تاريخ انتهاء الصلاحية واحدًا من العوامل الرئيسية التي تساهم في الهدر الغذائي العالمي، وهو أحد أبرز التحديات التي تواجه الأمن الغذائي والبيئة في عصرنا الحديث. يعاني العالم من إهدار ملايين الأطنان من الأغذية سنويًا بسبب سوء الفهم أو التفسير الخاطئ لمفاهيم تتعلق بتاريخ الصلاحية، مما يفاقم من المشاكل الاقتصادية والبيئية على حد سواء.

في هذا المقال، سنناقش العلاقة بين تاريخ انتهاء الصلاحية وهدر الطعام، ونوضح الفرق بين أنواع تواريخ المنتجات، ونسلط الضوء على طرق الحد من الهدر الغذائي، مع التركيز على أهمية الوعي المجتمعي والدور الذي يمكن أن يلعبه الأفراد والمؤسسات للحد من هذه المشكلة المتفاقمة.


ما هو تاريخ انتهاء الصلاحية؟

يُشير تاريخ انتهاء الصلاحية (Expiration Date) إلى آخر يوم يكون فيه المنتج صالحًا للاستهلاك من الناحية الصحية والآمنة، وفقًا للجهة المصنعة. ولكن من المهم معرفة أن هناك أنواعًا مختلفة من تواريخ المنتجات الغذائية، ولكل منها دلالة مختلفة:

1. تاريخ “يُفضل استهلاكه قبل” (Best Before):

هذا التاريخ يشير إلى جودة المنتج وليس إلى سلامته. أي أن المنتج قد يفقد جزءًا من نكهته أو قوامه بعد هذا التاريخ، لكنه لا يزال صالحًا للاستهلاك إذا تم تخزينه بالشكل الصحيح.

2. تاريخ “يُستهلك قبل” (Use By):

وهو التاريخ الذي يُفضل عدم استهلاك المنتج بعده، لأنه قد يشكل خطرًا صحيًا، خاصة في المنتجات الطازجة أو المبردة.

3. تاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية:

غالبًا ما يُكتب على العبوة تاريخ الإنتاج وتاريخ الانتهاء المحدد مسبقًا من قبل الشركة المصنعة.


العلاقة بين تاريخ الصلاحية والهدر الغذائي

يُقدّر أن ثلث الطعام المنتج عالميًا يُهدر كل عام، أي ما يعادل حوالي 1.3 مليار طن، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO). ويمثل تاريخ انتهاء الصلاحية أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الهدر، حيث:

  • يتخلص المستهلكون من أطعمة صالحة لمجرد أن التاريخ المدون عليها قد مرّ.
  • تُرفض كميات هائلة من الطعام في المتاجر لأن صلاحيتها قاربت على الانتهاء.
  • تُفرض قوانين تنظيمية مشددة على توزيع الأغذية التي تجاوزت تاريخ “أفضل قبل”، حتى إن كانت لا تزال صالحة.

التأثيرات البيئية والاقتصادية لهدر الطعام

يؤدي هدر الطعام إلى تأثيرات سلبية متعددة تشمل:

  • التأثير البيئي: إنتاج الطعام يهدر كميات ضخمة من المياه والطاقة، وعند رميه، يتسبب في انبعاث غازات دفيئة مثل الميثان، مما يساهم في تغير المناخ.
  • الخسائر الاقتصادية: يُقدر أن الهدر الغذائي يُكلف الاقتصاد العالمي أكثر من 940 مليار دولار سنويًا.
  • الأثر الاجتماعي: في الوقت الذي يُهدر فيه الطعام، يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من سوء التغذية والجوع.

كيف نحد من الهدر الناتج عن تاريخ الصلاحية؟

للتقليل من الهدر الناتج عن فهم خاطئ لتواريخ الصلاحية، يمكن اتباع النصائح التالية:

  1. قراءة التواريخ بشكل دقيق: تمييز الفرق بين “يُفضل استهلاكه قبل” و”يُستهلك قبل” يساعد على اتخاذ قرارات أفضل.
  2. الاعتماد على الحواس: في بعض الحالات، يمكن معرفة ما إذا كان الطعام لا يزال صالحًا من خلال الرائحة، اللون، أو الطعم.
  3. التبرع بالطعام القابل للاستهلاك: قبل انتهاء صلاحيته، يمكن التبرع به إلى بنوك الطعام أو الجمعيات الخيرية.
  4. التخزين الصحيح: الالتزام بإرشادات التخزين يطيل من عمر المنتجات ويحافظ على جودتها.
  5. شراء الكميات المناسبة: شراء ما يحتاجه الفرد أو الأسرة فقط يقلل من احتمالية انتهاء صلاحية المنتجات قبل استهلاكها.
  6. التشجيع على إعادة التدوير: الاستفادة من بقايا الطعام وتحويلها إلى سماد عضوي.

دور الحكومات والشركات في الحد من الهدر

تلعب الحكومات وشركات تصنيع وتوزيع الأغذية دورًا كبيرًا في التخفيف من هذه الأزمة عبر:

  • تحديث أنظمة وضع تواريخ الصلاحية وتبسيطها للمستهلك.
  • دعم حملات التوعية حول كيفية قراءة تواريخ الأغذية.
  • تسهيل عمليات التبرع بالأغذية الصالحة بدلًا من التخلص منها.

خاتمة

إن فهم تاريخ انتهاء الصلاحية بشكل صحيح يمثل خطوة مهمة نحو الحد من الهدر الغذائي، وحماية البيئة، وتقليل الخسائر الاقتصادية. يجب أن يكون الوعي المجتمعي حجر الأساس في هذا التغيير، مدعومًا بتشريعات مرنة ومبادرات فعالة من القطاعين العام والخاص. فالطعام مورد ثمين لا يجب أن يُهدر، بل يجب أن يُستهلك أو يُعاد استخدامه بذكاء.

اقرأ أيضًا: هذا المطعم يُحول الخضروات “القبيحة” إلى فطائر لذيذة

اظهر المزيد

اقرأ أيضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى