البيئة

الميثان: الغاز الخفي ذو التأثير القوي في تغير المناخ

يُعتبر الميثان (CH₄) من أهم الغازات الدفيئة التي تُسهم في الاحتباس الحراري، رغم أنه لا يحظى بنفس الشهرة التي يتمتع بها ثاني أكسيد الكربون (CO₂). إلا أن تأثير الميثان على المناخ أكبر بكثير على المدى القصير. تشير الدراسات إلى أن الميثان مسؤول عن حوالي 30% من الارتفاع العالمي في درجات الحرارة منذ العصر الصناعي. فما هو هذا الغاز؟ وما مصادره؟ ولماذا يشكل خفض انبعاثاته خطوة محورية في تحقيق أهداف الحياد الصفري (Net Zero)؟


ما هو غاز الميثان؟

الميثان هو غاز عديم اللون والرائحة يتكوّن من ذرة كربون وأربع ذرات هيدروجين (CH₄). يُعد أحد أبسط الهيدروكربونات، ويتكوّن طبيعيًا من خلال تحلل المواد العضوية في بيئات خالية من الأكسجين، مثل المستنقعات أو الجهاز الهضمي للحيوانات المجترة.

ويُستخدم الميثان بشكل شائع كوقود، حيث أنه المكوّن الرئيسي لـ الغاز الطبيعي.


مصادر الميثان الطبيعية والبشرية

🌱 المصادر الطبيعية:

  • المستنقعات والأراضي الرطبة: تنتج الميكروبات الميثان أثناء تحلل المواد العضوية في بيئات لاهوائية.
  • البراكين والينابيع الساخنة.
  • محيطات القطب الشمالي التي تطلق كميات من الميثان المجمد (هيدرات الميثان).

🏭 المصادر الناتجة عن النشاط البشري:

  • الزراعة: مثل تربية الأبقار والأغنام التي تنتج الميثان أثناء عملية الهضم (التخمر المعوي).
  • مدافن النفايات: نتيجة تحلل النفايات العضوية تحت الأرض.
  • صناعة النفط والغاز: من خلال تسريبات أثناء الاستخراج أو النقل أو المعالجة.
  • حرق الكتلة الحيوية: مثل حرق الغابات أو النفايات الزراعية.

لماذا يُعد الميثان خطيرًا على المناخ؟

رغم أن الميثان يبقى في الغلاف الجوي لمدة أقصر من ثاني أكسيد الكربون (حوالي 12 عامًا مقارنةً بمئات السنين)، إلا أنه أقوى بـ 84 مرة تقريبًا في حبس الحرارة خلال أول 20 سنة من انبعاثه. لذلك، يُعد تقليل انبعاثات الميثان من أسرع الطرق لإبطاء تغير المناخ على المدى القصير.


جهود العالم للحد من انبعاثات الميثان

🌍 مبادرة الميثان العالمية

في قمة المناخ COP26 عام 2021، أُطلقت مبادرة “التعهد العالمي بشأن الميثان” (Global Methane Pledge)، والتي تهدف إلى:

  • خفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2020.
  • شاركت أكثر من 100 دولة في المبادرة، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدة دول عربية.

⚙️ التقنيات الحديثة لرصد الميثان

  • الأقمار الصناعية مثل “GHGSat” و”Sentinel-5P” تستخدم لرصد تسريبات الميثان من الفضاء.
  • أجهزة استشعار أرضية يمكنها الكشف عن التسريبات في محطات الغاز والنفط.

الميثان والطاقة المتجددة

بدلاً من إطلاق الميثان في الهواء، يمكن استخدامه كمصدر طاقة نظيفة نسبيًا. على سبيل المثال:

  • الغاز الحيوي (Biogas) الناتج من تحلل النفايات العضوية يُستخدم في توليد الكهرباء والتدفئة.
  • استرداد غاز الميثان من محطات معالجة المياه أو مكبات النفايات يحوّل النفايات إلى طاقة مستدامة.

دور الأفراد والمزارعين في تقليل الميثان

  • دعم الزراعة المستدامة وتقنيات الأعلاف التي تقلل من تخمر الميثان لدى الحيوانات.
  • فرز النفايات العضوية وتحويلها إلى سماد بدلاً من إرسالها إلى مكبات النفايات.
  • دعم الشركات التي تستخدم مصادر طاقة نظيفة وتلتزم بالاستدامة.

التحديات المستقبلية

  • تسريبات غير مرئية من أنظمة الغاز يصعب اكتشافها بدون تقنيات متقدمة.
  • قلة التشريعات الملزمة في بعض الدول بشأن مراقبة انبعاثات الميثان.
  • الحاجة إلى تمويل الابتكارات البيئية في الدول النامية.

خاتمة

يُعد خفض انبعاثات غاز الميثان عنصرًا حاسمًا في مكافحة التغير المناخي وتحقيق أهداف اتفاق باريس. إنه خيار سريع التأثير، منخفض التكلفة نسبيًا، ويمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا خلال العقد القادم. ومع تزايد التعاون الدولي والتقدم التكنولوجي، يمكن تحويل الميثان من مهدد بيئي إلى فرصة طاقية مستدامة.

اقرأ أيضًا: أسباب تلوث الهواء واستراتيجيات فعالة لتحسين جودة هوائنا

اظهر المزيد

اقرأ أيضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى