فوط صحية صديقة للبيئة ورخيصة لتشجيع الفتيات على التعليم
يعيش أغلب سكان القارة تحت خط الفقر، وتتوقف معظم الفتيات في بعض الدول عند سن البلوغ عن الذهاب إلى المدرسة. والسبب هو عدم قدرتهن على تحمل تكلفة الفوط الصحية المستوردة والذهاب إلى المدرسة أو ممارسة حياتهم بصورة طبيعية، لذلك يخترن البقاء في المنزل وعدم إكمال تعليمهن.
مع السعي المستمر لأبناء القارة على إيجاد حلول ملموسة تساهم في تحسين أوضاع الفتيات وتشجعيهن على إكمال التعليم، ابتكر الأوغندي “موسى كيزا موسازي”، الدكتور بجامعة ماكير الأوغندية، فوط “ماكا” الصحية.
فوط “ماكا” هي الفوط الصحية الأولى على مستوى العالم التي يتم تصنيعها من ورق البردي، وهو من المواد الطبيعية سهلة التحلل، ما يجعلها مادة صديقة للبيئة، وهي أيضا غير مكلفة على الإطلاق حيث أنه سعرها أقل بنسبة 75% من الفوط العادية، ما يجعلها أيضا في متناول الجميع.
شاهد أيضًا: اختر من بين العديد من أفكار هدايا مستدامة
ما هو الدافع وراء هذا الاختراع المبتكر؟
تكمن إجابة هذا السؤال فى السعي الرائج نحو الاستدامة التى اكتسحت الحيز الاجتماعي محدثةً ضجة عبر العالم بأكمله. ويستُخدم هذا المصطلح لإظهار مدى كفاءة المنتج وهذا هو ما أظهرته فوط ماكا.
أثار تحدي إتاحة المواد الصحية لأكثر المناطق فقراً فى العالم الهواجس داخل أوساط معنية متعددة، الخاصة منها والدولية. ففى مناطق مثل دول أفريقيا الوسطى والغربية، يعتبر متوسط العمر المتوقع منخفضاً بشدة بسبب عدم توفر المواد الصحية وحتى نقص الموارد المالية لشراء الأنواع ذات الجودة العالية. وهذا ما يجعل الأفراد والمنظمات تنطلق نحو مهمة رفع متوسط العمر المتوقع وذلك من خلال ابتكاراتهم.
واحد من أولئك الأفراد الذين قدموا أحد الاستجابات للتحديات هو الدكتور موسى كيزا موسازي من جامعة ماكيرى بأوغندا. دكتور موسى هو مبتكر فوط ماكا، وهي فوط صحية منخفضة التكلفة تهدف إلى حماية النساء من الجهل والأمراض الصحية.
تعرف على: الأصباغ الصناعية للأطعمة وتأثيرها الصحي والبيئي
ولاعترافه بأن أغلب الناس فى أفريقيا يعيشون تحت خط الفقر، فإن دكتور موسى بدأ بالتعديل على مختلف أنواع المواد الرخيصة لكي يوفر فوطاً صحية بمثل كفاءة الفوط المستوردة. والأهم من ذلك أنه سعى لصنع فوط صحية تكون رخيصة للنساء المحليات اللواتي لا يستطعن تحمل كلفة الفوط المستوردة. وقد كانت نتيجة عملية التعديل فوط ماكا.
فوط صحية تتمتع بالكثير من الفوائد والتى تتضمن
- أرخص بنسبة 75% عن الفوط الصحية التقليدية- إنها فى الواقع تكلف 53 سنتاً لكل عبوة وكل عبوة تحتوى على 10 فوط.
- عالية الامتصاص- نظراً لكونها مصنوعة من ورق البردي، فإن فوط ماكا عالية الامتصاص بطبيعتها ويمكنها أن تبقى بسهولة لفترات أطول من الوقت.
- تخلق فرص العمل- يوجد العديد من العمال الذين يعملون فى إنتاج فوط ماكا حيث أن الفوط يمكن تصنيعها بدون الحاجة لمعرفة خاصة.
- يمكن التخلص منها بسهولة- ففى عصرنا الحالي حيث يتم التشجيع على الاستدامة البيئية، تساعد فوط ماكا على تحسين التخلص الصحيح من النفايات حيث أن الفوط المستعملة تتحلل بسهولة بدون الحاجة إلى حرقها.
- نموذج سهل للأعمال- لأن رائد فوط ماكا لم يكن هدفه الربح، فقد جعل ببساطة نموذج الأعمال متاحاً للعامة مما يعنى أن أي مجموعة من الأفراد تستطيع تصنيع وتوزيع فوط ماكا فى أي إقليم تتواجد فيه. ولكي يصنعوا الفوط، ربما يحتاجون للحصول على ألواح شمسية أو أشعة الشمس المباشرة لتوليد 350 وات من الطاقة التى ستستخدم لتجفيف المنتجات النهائية.
إن طرح فوط ماكا لم يعزز فقط قطاعي الصحة والاقتصاد فى الدول التى أنتجت فيها، ولكنه زاد أيضاً من جودة التعليم بالنسبة للفتيات الصغيرات.
فقبل اختراعها، لم تتمكن العديد من الفتيات فى سن المدرسة من الذهاب إلى المدارس لأنهن لم يستطعن تحمل كلفة الفوط الصحية التقليدية والتى كانت ستحميهن من المواقف المحرجة فى مدارسهن. ولأن أغلب هؤلاء الفتيات يستطعن تحمل كلفة فوط ماكا فى الوقت الراهن، فقد تم تسجيل زيادة فى عدد المشاركة النسائية فى التعليم الرسمي. وهذا الارتفاع المسجل فى الحصول على التعليم الرسمي بين الفتيات، يستمر فى زيادة فرص مشاركة النساء فى القطاعات الرئيسية داخل محيطهم الاقتصادي.
شاهد أيضًا: تعرف على حقيقة الأثر البيئي لسيارة غريتا ثونبرغ
إن الجهود الفردية مثل هذه التي تولاها دكتور موسى كيزا موسازى يجب أن يتم تشجيعها فى كل الأوقات لأجل محاولة إيجاد حلول مستدامة للتحديات الصحية. ومع قراره بإتاحة هذا النموذج للعامة، فإنه يُظهر حاجة كل شخص لتوفير قيمة ما للبشر الآخرين وذلك بدون الرغبة لصنع استحقاقات شخصية فى كل الأوقات. وحتى تاريخنا هذا، فإن فوط ماكا تستمر فى بقائها كأداة تدفع بتطور حركة المساواة بين الجنسين من خلال الحرص على أن تحصل الكثير من الفتيات على تعليم عالي الجودة.
توفي موسازي في نهاية عام 2018 وذلك بعد أن ترك نموذج عمل يتيح لأي مؤسسة ابتكار نفس نوعية الفوط الصحية، وذلك بهدف مساعدة الفتيات على استكمال تعليمهن، وليس الربح المادي.